علم الأرقام والأعداد .... تاريخ وماهية علم الأرقام ...الجزء الرابع والاخير
علم الأرقام والأعداد .... تاريخ وماهية علم الأرقام ...الجزء الرابع (4) والأخير
إعداد نزار محمد شديد
معنى الرقم 3 :
الرقم 3 يمثل الوجود وبداية الخلق والكمال في الوجود والاتزان في الحياة ، كذلك يمثل التجسد وتحقيق الشيء ، فالتجسد هو وجود عبر ثلاثة أبعاد ، وهو المرحلة النهائية التي مرت بها عملية الخلق قبل الادراك في طبقات الوعي ، فقد بزغ الانسان للوجود مع انتهاء الرقم 3 ، وسرت الحياة في كل مكان ودارت عجلة الزمان وصار الوجود واقعاً واعياً ، وفي هذه المرحلة امتدت درب الوعي مستقيمة أمام الانسان ووجدت قوانين الطبيعة والانظمة الحياتية على الأرض
ويثمل الرقم 3 درب الانسان ، تلك الدرب التي انطلقت من فكر الخالق وستعود إلى قلبه ، او ابتدأت من إرادته وستتلاشى في حكمته ، والرقم 3 هو الارتكاز او الصيرورة ، وهو الانطلاقة في عالم الوعي والتطور مثلما الرقم 1 انطلاقة في عالم الوجود ، فبعد أن يتلقى الانسان الروح والعقل وشعلة الارادة الروحية ، يتجسد على الأرض ، والكيان البشري يرتكز على الرقم 3 المكون من ثلاثة عناصر هي الروح والجسد والعقل الذي يجمع بينهما ، وكل كيان كامل موجود يحوي هذه الثلاثة عناصر ، فالمعادن حسب الكيمياء القديمة تتكون أساساً من الزئبق والكبريت ودرجة الحرارة المعينة التي تجمع بينهما ، لكن كل معدن يحوي من ذراتها بنسب مختلفة ، واختلاف هذه النسب أو عدد الذرات هو ما يحدد هوية المعدن ، والثمار بنفس المبدأ قشرة ولب وبذره ، لكن الرقم 3 يحوي الرقم 4 غافلاً في أعماقه ، يحويه وجوداً بالقوة لا بالفعل ، لأن الرقم 3 يعتبر الرقم الرابع بعد الصفر ، فالصفر ليس إلا حافزاً للتقدم ، فكل رقم بالفعل يحوي الرقم الذي يليه بالقوة ، فيكون الفعل حافزه للتقدم ، والصفر هنا يلعب دور الماضي الذي كلما نظر اليه الانسان التفت إلى الوراء ليتعلم منه ويسعى لتحسين المستقبل عبر التصميم له بطريقة أفضل ، وبذلك يكون الصفر ليس وجوداً حقيقياً ، بل هو الوهم يقارنه الانسان بالحقيقة ، فيدرك الحقيقة ويكتسب ملكة التمييز والحكمة ، وهو أيضاً الانعكاس في المرآة ، ينظر له الانسان فيتوق إلى الأصل
الرقم 3 يحوي الرقم 4 بالقوة ، لكن حين أراد الانتقال للرقم 4 فإن تحولاات كثيرة حدثت وتشعبات كثيرة نتجت حسب نظام معين ، فظهرت الأرقام التي تلي الرقم 3 بسرعة وتتابعت حتى توقفت عند الرقم 7 ، فكان الرقم 7 رقم الكمال يلي الرقم 3 ، وما بين الرقم 3 والرقم 7 من أرقام تعتبر أرقام ناقصة غير متزنة
يمكن تشبيه ما حصل بالمنشور والنور الذي يعكسه ، فالمنشور يحمل شكلاً يضم المثلث ـ رقم 3 والمربع رقم 4 ، أي هو الرقم 4 بالقوة الموجود في الرقم 3 ، فعند مرور النور من خلال المنشور تفرع لسبعة اشعاعات ، أي تجسد بسبعة ألوان ، الثلاثة بالفعل والتي تحوي الأربعة بالقوة تحولت إلى سبعة مباشرة دون المرور بباقي الأرقام حسب نظام كوني معين ، أما بقية الأرقام فقد وجدت بلحظة لا وعي ،
الرقم 3 هو رقم التحول او التجسد أو رقم الحياة ، لقد تحولت الثلاثة إلى سبعة عبر أربعة أساليب من الاندماج بالاضافة للرقم 3 نفسه ، وجود الرقم 1 أعطى نتيجة معينة ، وجود الرقم 2 وحده أعطى نتيجة ثانية ، وجود الرقم 3 وحده أدى لنتيجة ثالثة ، تواجد الواحد مع الاثنين قدم نتيجة رابعة ، تواجد الاثنين مع الثلاثة أعظى نتيجة خامسة ، تواجد الواحد مع الثلاثة أوصل لنتيجة سادسة ، وتواجد الأرقام الثلاثة معاً أدى لنتيجة سابعة ،
إذن ظهرت أربع طرائق لوجود الرقم 3 بالإضافة لوجود كل عنصر من عناصر الرقم 3 منفرداً ، فكان الرقم 7 هو الحصيلة ، ونقدم مثالاً أكثر واقعية لتوضيح هذا المفهوم :
الألوان الرئيسية هي ثلاثة : الأحمر والأصفر والأزرق ، هناك سبع نتائج أو ألوان تظهر من خلال هذه الألوان ، إما منفردة أو متجمعة : الأحمر ـ الأصفر ـ الأزرق ـ البرتقالي ( أحمر + أصفر ) الأخضر ( أصفر + أزرق ) البنفسجي ( أحمر + أزرق ) ـ النيلي ( أحمر + أصفر + أزرق ) وهذه العملية تعرف في علم الرياضيات بطريقة تكامل الأجزاء ، في الواقع لم يفطن أحد من الرياضيين إلى معنى تكامل الأجزاء أو السر وراء طريقته ، لعل السبب يعود إلى عدم درايتهم بمعاني الأرقام ، ذلك أ، تكامل أجزاء الرقم 3 هو الرقم 7 ، بمعنى أن الرقم 3 يتواجد في سبعة أساليب مختلفة ، وذلك بتغيير دمج المعطيات ، أي ابتكار سبعة أساليب تواجد
من هنا يمكن الاتنتاج أن الثالوث الإلهي ( الأب ـ الإبن ـ الروح القدس ) أثناء تكامل أجزائه ، كون سبع طبقات من الوعي ، كان على الروح التدرك عبرها ، مكتسبة درجات الوعي السبع من كل من هذه الطبقات ، حتى إذا ما وصلت الى الأرض ، تكون قد تكاملت أجزاؤها بالوجود والوعي ، وإذا ما أرادت الروح العودة لخالقها والاتحاد به ، فإن عليها الصعود والارتقاء عبر درجات الوعي السبعة تلك ... حتى تصل للثالوث الإلهي ، فبالرغم أنها وعت الطبقات السبع ـ التجسدات السبع للثالوث نفسه ، إلا أنها يجب أن تتابع عبر الثالوث لتكتسب وجوده الصافي ، وجوده المتسامي فوق كل تجسد وتكامل للتحد به وبوعيه الالهي الأسمى ، حينئذ تعود لخالقها نهائياً
نلاحظ كذلك أن بين الرقم 3 والرقم 7 ثلاثة أرقام أيضاً ، أي أن الثلاثة تكرر نفسها ، أو هي تجسد نفسها وتعكسها لتكتمل بها حتى تصل الى الرقم 7 رمز التكامل والاكتمال
معنى الرقم 4 :
الرقم 4 يمثل الارتكاز أو اكتمال القاعدة المادية ، أي هو التجسد المتكامل الذي تلقى عنصر الزمن ( البعد الرابع ) وبدأ الانطلاق والتحرك ، فبعد الرقم 3 رمز التجسد الروحي والكمال في الكيان الانساني يظهر الرقم 4 الذي سيدخل عنصر الانطلاق والتطور والتقدم للكيان
لقد اكتمل الكيان في الرقم 3 لكنه لم يتحرك أو يتطور أو يتمدد إلا بالرقم 4 ، فالنور حين انعكس عبر المنشور ، تجزأ وانتشر في سبعة إشعاعات ، إذن الرقم 4 هو ما يجعل الانسان يخطو الخطوة الأولى على المسار نحو الهدف ، وإن كان الرقم 3 يمثل المسار المقدس الذي امتد بين الإنسان في الإله والإله في الانسان ، فالرقم 4 يمثل بدء المسير على هذا المسار ، فمن خلاله يبدأ الإنسان بفهم نفسه وإدراك ذاته وحقيقتها ، والرقم 4 يرمز أيضاً إلى المرحلة الرابعة التي مرت بها عملية الخلق ، وهي تواجد الانسان على الأرض بكيان يحوي جميع المقومات والمعطيات التي يمكن أن يحتاجها أثناء مسيرة على تلك الدرب وخلال تواجده على الأرض ، فالمرحلة الثالثة كانت مرحلة نقل ما في المخيلة إلى الواقع المحسوس ، بذلك انتقل الانسان من وحود بالوقوة إلى وجود بالفعل ، لكن هذا لا يعني أن الانسان قد استهل درب الوعي ، فهو ما زال يفتقر إلى عنصر الوعي أو عنصر الارتكاز ، أي سبل تجميع المعطيات لتكوين نظام الرقم 7 ، فالمرحلة الثالثة كانت مرحلة نقل ما في المخيلة إلى الواقع المحسوس ، بذلك انتقل الانسان من وجود بالقوة إلى وجود بالفعل ، لكن هذا لا يعني ان الانسان قد استهل درب الوعي ، فهو ما زال يفتقر الى عنصر الوعي أو الارتكاز ، اي سبع المعظيات لتكوين الرقم 7 ، ومع حصول الانسان على العنصر الرابع انطلق في سبعة إشعاعات ، أو هي الروح انطلقت في سبعة إشعاعات لتكون طبقات الوعي السبع ـ الطبقات التي عبرها الانسان ليتجسد على الأرض
في هذه المرحلة بالذات صار كيان الانسان مرتكزاً على الرقم 7 بالرغم من أنه ما زال في المرحلة الرابعة فقط ، لأن الرقم 3 كان قد تحول الى الرقم 7 مباشرة ، بينما بقية الارقام ما بين الثلاثة والسبعة ليست سوى انعكاس للثلاثة الأولى
الرقم 4 يرمز أيضاً إلى بداية الارتقاء ، فهو يمثل القاعدة المربعة للهرم الذي هو رمز الرقم 7 ، من هنا نستنتج أنه متى اجتمع الرقم 3 مع الرقم 4 ، انبثق الرقم 7 ، والمثال لذلك هو الهرم ، فالقاعدة هي مربعة ـ رمزها 4 ، بينما جسم الهرم عبارة عن مجموعة مثلثات رمزها الرقم 3 ، أما الهرم ككل فيمثله الرقم 7 رمز التكامل
والرقم 4 وجود في الكيان البشري أيضاً ، عبر العقل أو الوعي ، فبعد الثلاثة أو الثالوث الالهي ظهر العقل او الوعي الذي يمثله الرقم 4 ، وهذا العنصر بالذات هو الطاقة التي تجمع بين الموجب والسالب أو بين الذات العليا والذات الدنيا في الانسان ، فهو المرآة التي ينعكس فيها الثالوث الأسمى ليظهر الثالوث الأدنى في النفس البشرية ، فينبثق الرقم 7 إلى الوجود ، وإذا كان الثالوث الأسمى ( أب ـ إبن ـ روح القدس ) يستقر فوق طبقة العقل ، فالثالوث الأدنى ( مشاعر ـ حياة ـ وجود ) يستقر تحت طبقة العقل ، ولما كان الرقم 4 رمز الارتكاز والتكامل المادي ، فقد ظهر هذا الرقم في الطبيعة ، كونها تجسد المادة ، فعناصر الطبيعة أربعة ، والفصول أربعة ، والأخلاط الجسدية أربعة ...الخ
أما لماذا يرمز الرقم 4 للوعي والعقل ، فلأن الثالوث الأدنى حين يرى انعكاسه على مرآة الوعي يدرك النواقص في نفسه فيسعى لإكمالها ، أي أن الثالوث الأدنى اكتسب عنصراً جديداً هو الوعي الذي سيوصله إلى التكامل ، ومن هذا المنطلق كان الرقم 4 رمز الوعي والتكامل ، وطبقة وعي الانسان هي الطبقة الرابعة نسبة الى بقية طبقات الوعي ، فالرمز 4 هو رمز انطلاقة الوجود الأرضي على مسار الوعي ، وهو الانسان الذي يستهل المسير على درب الكمال ، لكن الرقم 4 يعتبر الرقم الخامس ابتداء من الصفر ، لذا فهو يحوي الرقم 5 بالقوة ، وهو يترقب الفرصة ليخرج للرقم 5 من القوة للفعل فيكتمل به ، من هنا كان لا بد للرقم 4 أن يكمل نفسه بنفسه ويسعى للكمال بأقصى سرعة شاقاً طريقه نحو الرقم 7 رمز التكامل ، أما كيف له أن يكمل نفسه عبر الرقمين 5 و6 ، فذلك يتم من خلال إظهار إنعكاس الثالوث الأسمى على مرآة الوعي ، وهذا ما حصل ، فقد سعى لإظهار انعكاس الرقم 3 ـ روح القدس ـ أولاً فانبثق الرقم 5 رمز المشاعر والآلام ، وسعى ثانية لاظهار انعكاس الرقم 2 ـ الإبن ـ على مرآة الوعي كذلك فانبثق الرقم 6 الى الوجود ـ رمز الحياة
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فكانت اظهار انعكاس الرقم 1 أو الوحدة مع الأب على مرآة الوعي ليولد الرقم 7 ، أي الجسد المادي أو الوجود ، بلك كانت المرحلة النهائية التي وصلت بالثالوث لدرجة التكامل ، لماذا يلعب الرقم 4 دور مرآة الوعي ؟؟ السبب يكمن في كون العناصر أو الأقانيم الثلاثة التي كونت الثالوث الالهي قد باشرت بالاندماج والاتحاد ببعضها ، فعندما التقى العنصر الأول مع العنصر الثاني نشأ نوع من التقارب أدى لمقارنة بين العنصرين ، بعبارة أخرى قام العنصر الأول بمقارنة بين ما تحويه نفسه وما يحويه العنصر الثاني ، هذه المقارنة أدت إلى الوعي ، وعي النواقص والزوائد ، هذا الوعي تكرر أربع مرات ، الأولى حين اجتمع العنصران الأول والثاني ، والمرة الثانية بعد اجتماع العنصران الثاني والثالث ، والمرة الثالثة مع اجتماع الأول والثالث ، والمرة الأخيرة بعد اجتماع الثلاثة معاً مقارنين أنفسهم مع الصفر ، من هنا كان الرقم 4 يمثل الوعي أو المرآة التي يرى فيها الانسان انعكاسه ويستشف النواقص التي تحويها نفسه ، فيعي وجوب اكتساب ما يكمل النواقص وما يوعي الغافل ويقرب الانعكاس من الحقيقة
معنى الرقم 5 :
يمثل الرقم 5 المشاعر والآلام ، ويرمز للمشاعر لأنه انعكاس نفس الله أو الروح القدس على مرآة الوعي ، إذ أن روح القدس تمثل المشاعر الالهية فيما انعكاسها هو المشاعر الانسانية ، أما لماذا يمثل الرقم 5 الآلام ، فلأنه بعد مرحلة الانعكاس مباشرة ينشأ نوع من الآلام ـ آلام رؤية الجهل والنواقص ومعاناة لمعرفة الحقائق البعيدة عن الذات وإدراكها
حين يرى الثالوث الأسمى انعكاسه في مرآة الوعي ، ويرى أن وجوده اتخذ بعداً جديداً أو شكلاً جديداً من خلال الانعكاس الذي أفقده الكثير من الحقيقة والوضوح والحياة والابتعاد عن الواقع ، عندها لا بد لمشاعر الألم أن تتحرك ، لكنها آلام الشوق ومعاناة السعي للعودة إلى الوحدة والحقيقة دون انعكاس ، وعبر مسيرة الآلام هذه باشرت الخليقة التقدم على درب الوحدة بحثاً عن الحقيقة ، فالرقم 4 يمثل بداية المسيرة بينما الرقم 5 يمثل الآلام وعناء المسيرة ومعاناة البحث عن الحقائق التي تاهت بين الانعكاسات
ويرمز الرقم 5 الى الانسان أيضاً ، لأن الانسان يمثل انعكاس الاله على الأرض ، لا بل هو درب الآلام والمعاناة التي رسمها الاله بنفسه ليعبرها عبر الانسان ، فالرقم 5 هو رقم الآلام الأرضية ، هو الانسان الذي يعمل على تطهير النفس من الآثام وتخليصها من النواقص ومن ثم الصعود بها الى الكمال ، فالثالوث الأسمى حين انعكس في الثالوث الأدنى ونظر في انعكاسه ورأى النواقص اختبرت شعور الألم ، لكنه في الوقت نفسه سعى لاكمال هذه النواقص ، وهذا ما لا يتم إلا بالألم وصقل النفس ، بالألم المطهر للنفس ، وفي غضون ذلك يرتقي الانسان على درجات الكمال ،
نستنتج من هذا أن الرقم 5 هو رمز الانسان ككل ،
وهو التقدم في المسير على درب الوعي ،
بل يعتبر المرحلة ما قبل الأخيرة من مراحل التقدم على تلك الدرب