نهض من مجلسه... وهو يشير على يمين الصالة
"هدخل الحمام بسرعة واجيلك... اوضة النوم هنا على اليمين"
هزت رأسها... سبقها للحمام..ونهضت وهى تمسك بحقيبتها لتتجه لغرفة النوم
فجأة...توقفت عندما تذكرت الرجل الذى رأته فى المترو
لحظات تفكر وتنظر حولها وكأنها افاقت من غيبوبة للتو
رأت العقد مازال على الطاولة... اسرعت بأخذه وخرجت مسرعة من الشقة وهى تركض ولا تنظر للخلف
ابتعدت عن المنزل بسرعة... مشيت من شارع آخر غير الذى جاءت منه... مازال العقد بيدها... مزقته قطعا صغيرة وألقته بجانب مقلب قمامة فتطاير قطعا صغيرة متباعدة
سمعت رنة هاتفها ... توقفت تلتقط انفاسها وهى تخرج هاتفها من حقيبة يدها
ردت بأنفاسها المتلاحقة بعدما رأت اسمه
"ايوه"
جاءها صوته متسائلا
"انتى روحتى فين"
اجابت وهى تحاول ان تبدو قوية ثابتة
"انا اسفة مش هقدر... نستنى شوية لحد ما اقنع ماما تانى"
جاءها صوته عاليا...مخيفا
"تانى ايه وزفت ايه... انتى هتلعبى بيا يا...."
لم تصدق انه يسبها هى ووالدتها... الحبيب الحنون مرهف الحس يشتمها...هل تبدل فى لحظة ؟؟!!
لم تستطع سماع ألفاظه...اغلقت الهاتف فورا فى وجهه... اتصل بها مرة اخرى... ترددت هل ترد ام لا؟
قررت الرد ربما اعتذر لها... بمجرد فتحها للمكالمة انهالت عليها ألفاظه وتهديداته مرة اخرى
تهديدات!! كيف تحول لهذا الشخص...نقيض من تحبه؟!
اكملت طريقها حتى المنزل وهى تبكى بعدما اغلقت الهاتف تماما... ظلت تبكى فى منزلها حتى موعد وصول والدتها
فوجئت بها والدتها تبكى بكاءا حارا...سألتها بكل لهفة وقلق وحب
"مالك يا حبيبتى...حصل ايه للعياط ده كله؟"
لم تجد كلمات مناسبة...فأوجزت
"مفيش"
لكن قلق الام لم يتركها...فسألتها
"مفيش ازاى...طمنينى فى ايه؟"
احتضنتها والدتها... فبكت أكثر فى حضنها ولكنها شعرت بالحنان والحب والامان
علاقتها بوالدتها قوية جدا... صديقتان منذ ان رحل والدها ...لم تتوتر العلاقة سوى فى الفترة الاخيرة بعد ان دخل حياتها وتقدم لوالدتها ورفضته
بدأت تهدأ فى حضن والدتها...فسألتها الام
"انتى لسه بتكلميه صح؟؟ هو اللى مزعلك كده؟؟"
ردت على والدتها وهى واثقة فى قرارها
"مش هكلمه تانى... اتطمنى يا ماما"
ضمتها والدتها اكثر وهى تردد
"الحمدلله ان ربنا نور بصيرتك... يا بنتى والله لو كان كويس انا مكنتش قلت لأ ابدا... انما ده واحد سمعته مش كويسة... جاى بيتنا وواضح اوى انه عايز ييجى عالة علينا... ده من اول يوم قال هيتجوز هنا ..بالذمة فيه كده؟؟ عارفة لو شاريكى بس ظروفه وحشة واخلاقة كويسة...كنت قلت وماله تيجوا تقعدوا معايا واهو متسيبينيش بدل ما اقعد لوحدى اكلم الحيطان"
والدتها تداعبها... تبتسم فى محاولة للتخفيف عنها... حاولت مجاراة والدتها كى لا تحزن
فابتعدت قليلا وسألتها وهى تبتسم
"قولى بقى انك عايزانى افضل معاكى"
"لا يا حبيبتى ان شاءالله ربنا يكرمك بابن الحلال وتتجوزى وتتهنى وانا هبقى مبسوطة...بس يكون ابن حلال..هااا مش ابن ستين فى سبعين"
اخذت يد والدتها تقبلها وهى تشعر بالندم... والخوف ايضا
فقالت لوالدتها
"لما حس انى هسيبه هددنى...انا خايفة"
قلقت الام...فسألتها
"بيهددك بايه؟؟ هو ماسك عليكى حاجة"
ردت نافية بسرعة
"ابدا والله مفيش اى حاجة...الحمدلله"
نهضت الام وهى تطمأنها
"خلاص...يبقى يورينى هيعمل ايه... اتطمنى.. امك راجل يا بت"
خرجت من غرفة ابنتها وهى مازالت تتحدث
"هغير هدومى ونتغدا واقوم اعملك حاجة حلوة... حلاوة ما ربنا هداكى"
ابتسمت بعد ان شعرت بالحب الجارف لوالدتها... كلمة والدتها صادقة...ربنا هداها... والحب أيضا هو من أنقذها
الحب القوى الحقيقى الذى لا يُقارن بأى حب آخر... حبها لوالدتها وحب والدتها لها
فالرجل الذى رأته... والذى تذكرته .. كان خطيب تقدم للزواج من والدتها منذ 15 عاما... كانت طفلة ووالدتها شابة والجميع يقنعها بالزواج حتى بدأت تقتنع
وفى احدى الليالى ..وهى تنام فى حضن والدتها كالعادة
بكت فى حضن والدتها...واخبرتها انها تحبها وتخشى ان يأخذها زوجها منها...ولو معنويا... تخاف ان يشاركها احد حبها
فى الصباح... انهت والدتها مشروع الزواج الذى لم يتم... وسمعتها تخبر الرجل .. رجل المترو الذى تذكرته بصعوبة
"انا اسفة مش هقدر... بنتى محتاجة لى اكتر".