الثوم، لا يكاد بيتٌ يخلو منه، فهو من أهم الأطعمة المستخدمة في الطبخ.
يعلم الجميع أن للثوم فوائد عديدة، ولكن قليلون هم من يعرفون حقيقة فعاليته، ومقدار هذه الفوائد علميا.
يعد الثوم نبته عشبية معروفه منذ القدم، وهي نبته معمره تستطيع العيش لمدة تزيد عن سنتين.
فصوص الثوم هي الجزء المستخدم من النبتة، وقد استخدمت من قبل حضارات عديدة لمعالجة الأمراض التي تصيب الإنسان مثل أمراض القلب، والصداع، والأورام، واللسعات المختلفة.
كما استخدم خلال الحرب العالمية الأولى والثانية كمطهر ولمنع حدوث الغرغرينا.
المواد الفعالة الموجودة في الثوم:
بالإضافة إلى الماء يحتوى الثوم على العديد من المواد الغذائية، منها البروتينات والكربوهيدرات والأحماض الأمينية والدهون والألياف والأملاح والفيتامينات وغيرها، ولكن معظم الفعالية العلاجية التي يقدمها الثوم تأتي نتيجة احتواءه على مركبات كبريتية، حوالي 33 مركب، وهي أيضاً مسئولة عن الرائحة التي تنبعث من الثوم.
يعد مركب الألين (alliin) أحد أهم المركبات الكبريتية الموجودة في الثوم الطازج أو الجاف، ويتواجد هذا المركب في حجيرات مغلقة وهو لا يعطي أي فائدة علاجية، وبمجرد أن يتم تقطيع الثوم أو طحنه أو خلط مطحون الثوم الناشف بالماء يختلط هذا المركب بإنزيم الألينيز (alliinase)، والذي يعمل على تحطيمه وتحويله إلى مركب آخر هو الأليسين (allicin)، والذي يعطي معظم الفعالية العلاجية للثوم.
ولكن يعد الأليسين (allicin) مركب غير مستقر بمعنى أنه يتحطم ويفقد فعاليته بسرعة، ومن هنا جاءت حكمة الله سبحانه وتعالى في جعل تكوين هذا المركب فقط عند تقطيع الثوم أو طحنه، أي عندما يتم تجهيزه للأكل، وبالتالي تبقي فعاليته العلاجية موجودة.
يجدر بالذكر هنا أن فعالية الثوم العلاجية تقل كثيراً عند تعرضه للحرارة (أثناء الغلي أو الشوي).
مستحضرات الثوم الطبية:
تُصنع المستحضرات الطبية للثوم بعدة طرق، أحد أهم هذه الطرق يتم من خلالها إنتاج ما يسمى مستخلص الثوم طويل العمر ((aged garlic extract والذي يتميز بعدم انبعاث رائحة الثوم منه، وهنا يتم نقع قطع الثوم في محلول كحولي مائي لمدة 20 شهر، ومن ثم يتم تصفيته وتركيزه وتصنيعه على شكل حبوب، أو كبسولات، أو على شكل سائل.
من الممكن أيضاً إنتاج مستحضرات للثوم من خلال تنشيف الثوم وطحنه ومن ثم تصنيعه على شكل حبوب أو حتى بيعه على شكل مسحوق جاف.
من الممكن جعل منتجات الثوم خالية من رائحته، والتي تعتبر مزعجة لبعض الناس، وذلك عن طريق إزالة فعالية إنزيم الألينيز (alliinase)، أو إضافة مواد مثل الكلوروفيل أو البقدونس والتي ستعمل على امتصاص هذه الرائحة.
من المهم معرفة أن منتجات الثوم الجاف تُحفظ في علب مغلقة جيداً ويتوجب وضعها بعيداً عن الضوء، والرطوبة، ودرجات الحرارة المرتفعة.
الفوائد الطبية أو العلاجية التي يمنحها الثوم:
من أهم ما يميز الثوم تعدد فوائده، فهو لا يعالج مرض بعينه وليس مخصص لحالة مرضية معينه، وإنما يعطي فوائد علاجية تساعد في علاج حالات مرضية متنوعة، وللحصول على هذه الفوائد يفضل تناول ما يعادل (2-4) غرام من الثوم الطازج يومياً، حوالي (2-4) فصوص من الثوم كل يوم.
فما يلي سنذكر أهم الفوائد العلاجية للثوم ونتائج الدراسات التي أجريت للتحقق من صحة هذه الفعالية العلاجية:
1) التخفيف من تصلب الشرايين وكغذاء مساعد لمعالجة الاضطرابات الدهنية، حيث أثبتت الدراسات أن الثوم يعمل على منع إنتاج الكولسترول في الكبد، كما يثبط تصنيع الأحماض الدهنية والدهنيات الثلاثية، وبالتالي فإن تناول الثوم يقلل مستوى الكولسترول السيئ (LDL)، والدهنيات الثلاثية، بينما يزيد من تركيز الكولسترول الحميد (HDL) بالدم.
بينت بعض الدراسات التي أجريت على أشخاص مصابين بارتفاع الدهون بالدم أن تناولهم للثوم بمقدار 600- 1000 ملغم يومياً ولمدة 8- 24 أسبوع أدى إلى تخفيض مستوى الكولسترول بالدم بنسبة 9%.
وبالتالي من الممكن استخدام الثوم كغذاء يساعد في معالجة ارتفاع الدهون بالدم إلى جانب الأدويةوليس كبديل لها.
وأظهرت دراسات أخرى أن تناول الثوم بشكل دائم يحمي من تصلب الشرايين ويخفف من تطور هذا المرض.
2) تخفيض ضغط الدم المرتفع، وهنا أثبتت الدراسات السريرية فعالية الثوم في التخفيض من ضغط الدم المرتفع، وكلما زاد مقدار الارتفاع بالضغط تزداد فعالية الثوم في تخفيضه.
أظهرت نتائج عدة دراسات أن استخدام الثوم من قبل المرضى المصابين بارتفاع الضغط يؤدي إلى تخفيض ضغط الدم الإنقباضي بمقدار (5.6- 11.2مليلتر زئبقي)، بينما انخفض ضغط الدم الانبساطي بمقدار (5.8- 8.8 مليلتر زئبقي).
بشكل عام ينصح باستخدام الثوم إلى جانب الأدوية لمعالجة هذا المرض الشائع، كما يمكن استخدامه وحيداً في معالجة الحالات الطفيفة.
ويجدر بالذكر أن الثوم يعمل على تخفيض ضغط الدم المرتفع، بينما لا يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم إذا كان ضغط دم الإنسان طبيعياً.
3) معالجة مرض السكري، حيث يستطيع الثوم المساعدة في علاج مرض السكري من النوع الثاني من خلال زيادة إفراز البنكرياس للإنسولين والتقليل من مقاومة الجسم له، لذلك ينصح بتناوله إلى جانب الأدوية للحصول على نتائج علاجية أفضل، وهذا ما أكدته العديد من الدراسات.
4) كمميع للدم ومضاد للتخثر، أجريت العديد من الدراسات في هذا المجال، وأثبتت معظمها أن للثوم القدرة على حماية الأشخاص المعرضين لتخثر الدم، أو حتى الأشخاص الأصحاء، من خطر الإصابة بالجلطات، وذلك بسبب احتوائه على مواد تعمل على منع تجمع الصفائح الدموية.
5) يعمل الثوم كمضاد للأكسدة، ويساعد في التخفيف من حالات القلق التي قد يتعرض لها الإنسان.
بينت الدراسات أن فعالية الثوم كمضاد للأكسدة تختلف إذا كان الشخص مدخناً أو غير مدخن، وفعاليته كمضاد للأكسدة أكبر لدى المدخنين، وتستمر هذه الفائدة ما دام الإنسان يتناول الثوم بانتظام وتنتهي بمجرد التوقف عنه.
6) الحماية من أمراض السرطان، بينت بعض الدراسات أن تناول الثوم بكميات وافرة يحمي الشخص من الإصابة بسرطان المعدة، وسرطان القولون والمستقيم.
كما يفيد الثوم في التخفيف من أمراض البروستات، فتناوله من قبل المصابين بتضخم البروستات الحميد يؤدي إلى التقليص من حجم الغدة البروستاتية، كما يساعد في علاج سرطان البروستات ولكنه ليس بديل للعلاج الدوائي.
7) مضاد للالتهابات، حيث يتميز الثوم بقدرته على محاربة العديد من البكتيريا والفطريات ويحمي من الإصابة بالالتهابات التي تسببها.
من الدراسات التي أجريت في هذا المجال، أظهرت إحداها أن تناول الثوم يحمي من الإصابة بجرثومة بكتيرية تدعى (H. Pylori)والتي تسبب الإصابة بقرحة المعدة.
كما أظهرت أخرى إمكانية معالجة مرض سعفة القدم (tinea pedis) عن طريق استخدام كريم يحتوى على إحدى المركبات الموجودة بالثوم ويدعى الأجوين (ajoene) بنسبة 0.4%، فبينما تحتاج الأدوية لمدة لا تقل عن (4-6) أشهر لمعالجة المرض، قام هذا الكريم بإحداث الشفاء التام في مدة لا تتجاوز (7-14) يوم.
تقليل الإصابة بالزكام، وهنا يتمحور دور الثوم في التقليل من عدد الإصابات بالزكام التي قد يتعرض لها الإنسان، إلا أن تناوله لن يؤثر على عدد الأيام التي سيحتاجها الشخص للشفاء من الزكام. 9) يعمل الثوم على التخفيف من الاضطرابات المعوية، كما يعد طارد للغازات ويساعد في معالجة انتفاخ البطن ويخفف من الشعور بالغثيان ومن التشنجات المعوية.
الأعراض الجانبية التي قد تحدث عند تناول الثوم:
يعتبر الثوم غذاء غير ضار، وليس هنالك ما يمنع الإنسان من تناوله ما دام لا يعاني من حساسية ضده.
أكثر ما يزعج الإنسان عند أكل الثوم هو الرائحة المنبعثة منه، وفي بعض الأحيان قد يؤدي إلى بعض الأعراض الجانبية، مثل:
حرقة في الفم أو الجهاز الهضمي، أو الشعور بالغثيان، أو القيء، أو حدوث إسهال، لذلك يفضل تناول الثوم مع الطعام للتخفيف منها.
وكما ذكرنا سابقاً يعمل الثوم كمميع للدم؛ وبالتالي يزيد من احتمالية حدوث النزيف خصوصاً لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية مميعه للدم مثل الأسبرين والوارفارين (warfarin).
يفضل أيضاً التوقف عن تناول الثوم قبل 14 يوم من إجراء أي عملية جراحية، كما يمنع استخدامه إذا كان المريض يعاني من وجود نزيف.
بالنسبة لتناول الثوم أثناء الحمل أو الرضاعة فليس هنالك ما يثبت حدوث ضرر من ذلك، ولكن ينصح دائماً بعدم تناوله بكميات تزيد كثيراً عن الكمية التي يتم تناولها بشكل اعتيادي مع الطعام.
إعداد: د. زينب يحيى الصبح/ دكتور صيدلة أ.د. فراس قاسم علعالي