قد يجهل الكثيرين سبب موت مالئ الدنيا
وشاغل الناس أبو الطيب المتنبي وأنه مات مقتولاً
ومن يعرف سبب موته قد لا يعرف تفاصيل ذلك أو حيثياته
أذكر في المراحل الدراسية كنا نعرف أن أبي الطيب هو الشاعر الذي قتله بيت شعر قاله ويأتي ذلك في المسابقات والنشاطات المدرسية
وبيت الشعر هو
الخيلُ والليلُ والبيـداءُ تعرفنـيوالسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
لكن الحقيقة هي أن قصيدة كاملة تسببت في موت أبي الطيب وإن كان بيت الشعر السابق سببا آخر لكنه ليس سببا رئيساً
والقصيدة معروفة ومشهورة ومطلعا
ما أنصفَ القومُ ضبّة
فما قصة مقتله ؟
كان ضبة بن يزيد العتبي غداراً بكل من نزل به وكان بذيء اللسان ، خرج مع عائلته يوماً فاعترضه قوم من بني كلاب فقتلوا أباه وسبوا أمه وفسقوا بها
وكان أبو الطيب المتنبي قد مر بضبة مع جماعة من أهل الكوفة فأقبل ضبة يجاهر بشتمهم وسبهم
فأراد رفاق المتنبي الرد عليه بمثل ألفاظه القبيحة فطلبوا من أبي الطيب ذلك فقال قصيدته التي مطلعها
ما أنصفَ القومُ ضبّة
ونذكر منها أبياتاً عدة ونترك الباقي لما فيها من أبشع الألفاظ وأقذع العبارات ، وهي :
ما أنصف القومُ ضبّة وأمـه الطرطـبّـة
فلا بمن مات فخـرٌ ولا بمن عاش رغبة
و إنما قلت ما قلـ ترحمـة لا محـبـة
و حيلة لـك حتـى عذرت لو كنت تيبه
و ما عليك من القتل إنمـا هـي ضربـة
و ما عليك من الغدر إنمـا هـو سـبـة
وقد جاء فيها كلاماً بذيئاً وفحشاً مذكراً إياه ما حصل له مع الأعراب من اعتراضهم له وفسقهم بأمه
وقد احتوت القصيدة من أبشع الألفاظ والعبارات ما جعل المتنبي ينكر إنشادها كما قال الواحدي أحد شرّاح ديوان المتنبي
علم فاتك بن أبي الجهل الأسدي ( خال ضبة ) بالقصيدة فغضب عند سماعها وأراد الإنتقام لأخته وابنها ضبة فاعترض لأبي الطيب وهو في طريقه إلى بغداد فالكوفة وواجهه بنحو 30 من رجاله وقيل 60 فقاتله المتنبي حتى قتل هو وابنه محسّد وعدد ممن كانوا معه
وقد قيل إن أبا الطيب لما رأى كثرة رجال فاتك وأحس بالغلبة لهم أراد الفرار فقال له غلام له : لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل
فالخيلُ والليلُ والبيـداءُ تعرفنـيوالسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
فكر راجعاً وقاتل حتى قتل سنة 354 هـ